تاريخ القدس تحظى مدينة القدس بتاريخ عريق مرّ فيه العديد من الحضارات والأمم التي امتدّت من التاريخ القديم وحتّى التاريخ الحديث، ومن أهمّ وأبرز الحقب التاريخية التي مرّت على مدينة القدس ما يأتي:[٤] البوسنيون: أو سكان القدس الأصليون؛ حيث كان اليبوسيّون من أوائل من سكن مدينة القدس تحديداً في عام 2500 ق.م وأطلقوا عليها اسم يبوس نسبةً لهم، واليبوسيّون هم أحد القبائل الكنعانية العربية. العصر الفرعوني (القرن 16-14 ق.م): وقعت مدينة القدس تحت الحُكم المصري الفرعوني ابتداءً من القرن 16 ق.م، وفي عهد الفرعون المصري أخناتون تعرّضت لغزو قبائل الخابيرو البدوية واستولوا عليها إلى أن عادت تحت النفوذ المصري مرّةً أخرى في عهد الفرعون المصري سيتي الأول الذي امتدّ حُكمه في الفترة ما بين 1317-1301 ق.م. العصر البابلي (977-583 ق.م): استولى البابليون على بلاد الشام وفلسطين وأنهوا الحُكم المصري فيها، وفي تلك الفترة تعرّضت القدس لحملة نبوخذ نصّر (604-561 ق.م) والتي احتلّ فيها القدس وسبى اليهود الذين كانوا فيها. العصر الفارسي (537-333 ق.م): تغلّب الملك الفارسي قورش على الحُكم البابلي وأنهاه عام 539 ق.م، وضُمّت القدس للمملكة الفارسية التي شملت بلاد الشام كاملة. العصر اليوناني (333-63 ق.م): استولى الإسكندر الأكبر على فلسطين بما فيها مدينة القدس التي كانت تحت الحُكم الفارسي وذلك في عام 333 ق.م، وتوفّي الإسكندر بعد ذلك بعشر سنوات، وتوالى على حُكم المدينة البطالمة والمقدونيون، ثمّ ضمّ بطليموس فلسطين مع مدينة القدس لتُصبح جزءاً من مملكته في مصر، وفي عام 198 ق.م تمكّن السلوقيون بقيادة سيلوكس نيكاتور من ضمّ القدس لدولتهم في سوريا، وفي هذه الحقبة الزمنية كان جليّاً تأثّر سكان القدس بالحضارة اليونانية القديمة. الحكم الروماني (63 ق.م-636م): استولى الرومان على القدس عام 63 ق.م وأصبحت جزءاً من إمبراطوريّتهم، وبقيت المدينة تحت حُكمهم حتّى عام 636م، وشهدت هذه الحِقبة حوادث عديدة من أهمّها ولادة السيد المسيح عليه السلام، وبِعثة النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم، وفي الفترة ما بين 66-70م قام اليهود في مدينة القدس بأعمال شغب وعصيان على الحاكم الروماني الذي أخمد محاولاتهم، وفي عهد الإمبراطور هادريان أُخرج اليهود من المدينة ولم يتبقَ فيها إلّا المسيحيين، وأمر بتغيير اسمها إلى إيلياء. العهد البيزنطي وبناء كنيسة القيامة: انتقلت العاصمة الرومانية من روما إلى بيزنطة، وأُعلنت المسيحية ديانةً للدولة، ومثّل ذلك تغييراً جوهرياً بالنسبة لأتباع الطائفة المسيحية في القدس، وأُرِّخت هذه الفترة للمدينة بالتفصيل ضمن خرائط فسيفسائية تاريخية وُجدت في الأردن، وشُيّدت كنيسة القيامة عام 326م، وفي عام 395م انقسمت الإمبراطورية الرومانية ممّا دفع الفُرس لمحاولة احتلال مدينة القدس ونجحوا في ذلك عام 614م، لكنّها عادت للحُكم الروماني بعد 14 عام من سقوطها بأيدي الفُرس حتّى فتحها المسلمون عام 636م. العصر الإسلامي الأول (636-1099م): فُتحت القدس على يد الخليفة عمر بن الخطاب عام 638م بعد أن انتصر المسلمون على الروم في معركة اليرموك، وبعد فتحها كتب عمر لسكّانها المسيحيين وثيقةً عُرفت باسم العهدة العمرية؛ منح فيها الحرية الدينية لسكان القدس مقابل الجزية واشترط ألّا يسكن القدس يهود أبداً، وشهدت مدينة القدس نهضةً حضاريةً في مختلف المجالات وخاصة في العهدين الأموي والعباسي، حيث حظيت باهتمام كبير، واستمرّ الاهتمام بالمدينة في عهد الفاطميين والقرامطة، وفي عام 1071م أصبحت المدينة تحت حُكم السلاجقة. القدس إبّان الحملات الصليبية: سقطت القدس في يد الصليبيين بعد 5 قرون من الحُكم الإسلامي، وكان ذلك نتيجة الحروب بين السلاجقة والفاطميين وخلافات السلاجقة الداخلية التي أضعفت مِن قوّتهم، وعندما احتلّ الصليبيون القدس قتلوا قرابة 70 ألفاً من ساكني المدينة مسلمين ومسيحيين، وانتهكوا مقدّسات المدينة، وأصبحت مدينة القدس في ذلك العهد مملكةً لاتينيةً تقع تحت حُكم ملك كاثوليكي فرض الشعائر الكاثوليكية على من بقي من سكّانها من المسيحيين الأرثوذكس. العصر الإسلامي الثاني (1187-1967م): حرّر صلاح الدين الأيوبي مدينة القدس بعد انتصاره على الصليبيين في معركة حطيّن وعامل أهلها معاملةً حسنةً، واهتمّ بالمدينة وحصّنها، ورمّم المسجد الأقصى من الآثار الصليبية، وأتاح للعائلات العربية المقدسية والأرثوذكس العودة للسكن في القدس، وجعل معظم أجزاء المدينة وَقفاً إسلامياً، وثبّت دعائم الحُكم وأسباب الاستقرار لساكني المدينة ومكّنهم من التعايش السلمي فيها، لكن وبعد وفاة صلاح الدين استعاد الصليبيون مدينة القدس في عهد فريدريك الثاني ملك صقلية، وظلّت القدس تحت الحكم الصليبي 11 عاماً إلى أن حرّرها مرّةً أخرى الملك نجم الدين أيوب عام 1244م. المماليك: تعرّضت القدس لغزو المغول بين عامي 1243-1244م، واستطاع المماليك بقيادة سيف الدين قطز والظاهر بيبرس هزيمة المغول في معركة عين جالوت الواقعة في 1259م، واستعادوا المدينة وباقي فلسطين وضموّها إلى دولة المماليك الذين حكموا الشام ومصر بعد انتهاء الدولة الأيّوبية، وحرص المماليك على إنشاء الكثير من المدارس والمكتبات، وازدهرت في عهدهم حلقات العلم والزوايا التي شهدت حضور المسلمين من أنحاء العالم مثل الزاوية الهندية والنقشبندية، وأقاموا التكايا والأسْبلة، كما تطوّرت أسواق الذهب والفخار والحُصر. العثمانيون: فتح العثمانيون فلسطين بقيادة السلطان سليم الأول بعد انتصارهم في معركة مرج دابق في القرن السادس عشر، وأصبحت القدس مدينةً تابعةً للحُكم العثماني، وفي هذا العهد أعاد السلطان القانوني تشييد أسوار مدينة القدس ورمّم مسجد قبّة الصخرة والجامع القبلي في المسجد الأقصى، وبقيت القدس تحت حُكم العثمانيين حتّى عُزل السلطان عبد الحميد عام 1808م. الانتداب البريطاني (1917-1948م): سقطت مدينة القدس في عام 1917م في يدّ الجيش البريطاني، وأُعلن وعد بلفور في ذات العام، وأعطت عصبة الأمم المتحدة بريطانيا حقّ الانتداب على جميع أرجاء