من كتاب (تأملات في دنيا الله)
واضحكوا معي على الغلاء الطاحن !!
مع رُخص الناس ..
ورخص الفن .. وانعدام القيم .. وتفاهة البضاعة .
إننا معاقبون يا سادة بهذا الضنك ..
وتأملوا كلمات ربكم :
{ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } ( طه - 124 )
أليس عالَم اليوم قد تلخص كله في هذه الكلمة البليغة .. " الضنك " .. " والإعراض " ؟!
أليس العالَم قد أعرض تماماً عن كل ما هو رباني وغرق تماماً في كل ما هو علماني ومادي ودنيوي وشهواني وعاجل وزائل .. والكلام على مستوى العالَم كله !
الكل متعجل يريد أن يغنم شيئاً وأن يلهف شيئاً ..
لا أحد ينظر فيما بعد .. ولا فيما وراء ..
الموت لا يخطر ببال أحد ..
وما بعد الموت خرافة ..
والجنة و النار أساطير ..
والحساب حدوتة عجائز ..
والذين يحملون الشعارات الدينية ..
البعض منهم موتور والبعض مأجور ..
والمخلِص منهم لا يبرح سجادته ويمشي إلى جوار الحائط .. فهو ليس مع أحد .. وليس لأحد ..
وإنما هو مشدود ومنفصل عن الركب .. ومشفق من العاقبة .. وهو قد أغلق فمه واحتفظ بعذابه في داخله .. واكتفى بالفُرجة .
والناس في ضنك ..
وكل العالَم أغنيائه وفقرائه ..
كلهم فقراء إلى الحقيقة ..
فقراء إلى الحكمة .. فقراء إلى النُبل .
وأكثر الأنظار متعلقة بالزائل والعاجل والهالِك .
والدنيــا ملهــاة .
وهي سائرة إلى مجزرة ..
فالله في الماضي كان يوقظ خلقه بالرسل والأنبياء ..
واليوم هو يوقظهم بالكوارث والزلازل والأعاصير والسيول ..
فإن لم تُجْدِ معهم تلك النُذُر شيئاً ، ألقَى بهم إلى المجازر والحروب يأكل بعضهم بعضاً ويُفني بعضهم بعضاً .
وحروب المستقبل حروب فناء ..
تأكل الأخضر واليابس وتدع المدن العامرة خراباً بلقعا .
ونحن على حافة الرعب والصراع المُفني ..
وماذا يهم ؟! ماذا يهم ؟!