من كتاب: محمد ﷺ محاولة لفهم السيرة النبوية
ومع ذلك لم يكن يرفض الهديّة تأتيه بالشّهي من المأكل والنّاعم من الملبس، ولكنّه كان يرفض أن يسعى إلى هذا العيش الليّن أو يفكّر فيه أو ينشغل به.. ولهذا كان يربّي نفسه ويروّضها على الفقر والجوع والقصد في المطالب والرّغبات، ليكون المثل والقدوة لما أراده الإسلام.. دين الاعتدال والتوسّط.. فلا رهبانيّة ولا قتل للنّفس.. ولا تهالك وإطلاق للشّهوات.. وإنّما توسّط واعتدال.. وبذلك ينجو الإنسان من سيطرة نفسه ومن سيطرة الآخرين.. فلا يعود لأحد سيادة عليه.. وهذه هي الحريّة.. أن يحرر نفسه من جميع المطالب فلا يعود يسمح لشهوته أن تذلّه لمطعم أو ملبس أو مخلوق.
هذا الوسط..
هذا الصّراط المستقيم الدّقيق أدقّ من الشّعرة بين الإفراط والتّفريط هو ما انفردت به الشّريعة وما حقّقه النّبي بسلوكه النّادر.