أهالي القطاع: هذه الصورة لخالتي "نهلة" تخبز على فرن من الطين وهو أداة هذه الحرب التي أنضجت طعام أهل القطاع وقت انقطاع غاز الطهي.

تخبز خالتي في بيتنا بعدما نزحت من رفح، تركت
بيتها الذي يقع ضمن حدود التهديد، كان بيتها في حي الجنينة وقد بكته قبل أسبوع تقريبا وهي ترى حطامه في فيديو نشره أحدهم من هناك بعدما دمرت آلات الخراب المنطقة بما فيها بيت خالتي، كان بيتا جميلا مع حديقة تزرع فيها الليمون والياسمين والريحان والورد الجوري وكانت لديها خزانة تحفظ فيها تحفا قديمة جدا من هدايا زواجها ربما قبل أكثر من خمسين عاما!

كنت قد طلبت منها أن تكون هديتها لبيتي الذي سأسكنه قريبا، طبقا يحمل طبعة روميو وجولييت لاحتفظ به في خزانة في بيتي، وجاءتني به، لقد كنت أقلد خالتي، نجمع التحف في خزائن داخل بيوت ظنناها ستبقى للأبد !

وقد دُمرت البناية التي فيها شقتي أيضا في بداية الحرب وفقدت ما فيها من مقتنيات وكتب والبومات صور ولوحات وذكريات.

خالتي هذه تملك روح دعابة مميزة ونسميها فاكهة المجالس ليس ذلك فقط بل هي التي تحفظ الأغنيات الشعبية التقليدية وتغنيها في ليالي حناء العرائس بصوتها الجميل مترافقا مع ضرباتها على الطبل بتنغيمات محددة، وقد زفتنا جميعا أبناء إخوة وأخوات في أيامنا الحلوة "أعراسنا" التي تفتقدها بيوت القطاع وشوارعها وصالات أفراحها الآن.

تغير وجه المدن في القطاع وتغير مزاج أهلها، بات الفرح أقل، خجولا يأتي ثم يركض هاربا....

image