العرض: الصدقُ قارب نجاة في الدنيا والآخرة الصدق هو قارب النجاة في الدنيا والآخرة لأنّ الصدق طريق الخير، ويُساعد في إحقاق الحق وعدم ضياعه، وهو الطريق المؤدّي للانتصار على الشر؛ لأنّ الصدق لا يقبل تزييف الحقائق أو المشي عكسها، كما أنّ الإنسان الذي يتحرّى الصدق في جميع أقواله وأفعاله ينال رضا الله تعالى ورضا نبيه، ويكسب محبة الناس ويُسهم في انتشار الخير والمحبة بين الناس، فالصادق قلبه صافٍ لا يعرف الكذب أو الغدر أو التلوّن، ولا يسمح بأن تطغى المصالح على صدقه ويتحوّل إلى كاذب. كما أنّ الصدق يمنع الكثير من الصفات والأفعال السئية، فهو يمنع من النصب والاحتيال والغش والتدليس، لهذا يعرف عن الصدق بأنّه مفتاح جميع الأخلاق وأساسها، ولا يُمكن للإنسان أن يكون كامل الأخلاق دون أن يكون صادقًا. كان النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- معروفًا في قومه بالصادق الأمين حتى قبل بعثته، وذلك دليلٌ على أنّ الصدق من أهم صفات الإنسان كي يكون إنسانًا شريفًا طيبًا يحب الخير للجميع ويحبه الآخرين، فالصدق دليل على أنّ الإنسان قد تربّى تربية سوية، وأنه لا يُتقن التدليس والغش في حياته. والإنسان الصادق يحرص على قول الحق وتجنب شهادة الزور أو تزييف أيّة حقيقة حتى لو لحقه الأذى، لأن الصدق مبدأ ثابتٌ في الحياة، والأصل أن يخبر الإنسان بالأشياء كما هي وألّا ينجرف وراء الأصوات التي تنادي بما يُعرف بالكذب الأبيض أو الكذب لأجل النجاة، لأنّ طريق النجاة الوحيد في الدنيا والآخرة هو قول الصدق والالتزام به في جميع الظروف دون أن يخرج الإنسان عن هذه القاعدة. الصدق سببٌ في أن تشيع المحبة والألفة بين الناس، فتزداد ثقة الناس ببعضهم بعضًا، فلا يظلم أحدٌ غيره ولا يحاول شخص أن يتعدى على حق غيره سواء بالقول أم بالفعل، كما أنّ الإنسان الصادق يكون مثالًا وقدوة حسنة للآخرين فيكبر في أعينهم ويحبونه ويثقون به ويحاولون أن يكونوا قريبين منه دومًا لأنهم لا يخشون على أنفسهم وهم يجلسون مع شخصٍ صادق لا يبدل القول لصالحه أو يُحاول أن يسرق الأخبار والأحداث وينسبها إلى نفسه كما يفعل الكثير من الناس. وكلمة الصدق تعني أن تتطابق الأقوال مع الأفعال وأن يتطابق الظاهر مع الباطن بالنسبة للإنسان، لهذا فإنّ للصدق مراتب عديدة وأعلاها صدق القلب والسريرة، والذي يجب على الإنسان أن يتحرى هذه المرتبة من الصدق دومًا. الصدق هو أساس القبول عند الله تعالى؛ لأنّ الإنسان الصادق تكون نيته صادقة في أداء العبادات وفي العمل وفي كلّ مكان، فينال القبول والرضا من الله، كما أنّ الصدق يجمع كل صفات البر والإحسان، ولهذا يُعدّ أحد أهم أسباب دخول الجنة والنجاة من النار، ويُساعد الصدق في الوصول إلى طمأنينة القلب وسكينته وراحته واستقراره. لذلك على الإنسان أن يكون صادق اللسان وصادق القلب وصادق النية والسريرة وصادقًا في أفعاله وإرادته، وأن يفي بالعهود والمواثيق والمواعيد، وألّا يقبل على نفسه الخيانة أبدًا وأن يكون وفيًا في العلاقات لأنّ الوفاء بها دليلٌ على الصدق، كذلك يجب أن يكون الإنسان صادقًا في تعاملاته مع الناس وفي تقديم النصحية لهم وألّا يخدعهم بقولٍ أو فعل. الصدق مثل الوردة النضرة التي يفوح عبيرها في القلوب فتملأ النفس بالحب والخير والفرح والطاقة الإيجابية، وهو سحابة محملة بالمطر، ما إن تسقط في أيّ مكان حتى تتحوّل الأرض الجرداء إلى جنة خضراء يانعة، لهذا لا يوجد أجمل من صفة الصدق، ولا يُمكن للإنسان أن يكون ذا صفاتٍ حسنة إن لم يكن الصدق صفة أساسية فيه. خاصة أنّ الصحابة -رضوان الله عليهم- كانوا صادقين وقدوتهم في هذا الأنبياء والرسل، والإنسان المؤمن يجب أن يقتدي بالسلف الصالح وأن يكون مثلهم في صدقهم وألّا يكذب أبدًا حتى ولو من باب المزاح، لأنّ اللسان إن اعتاد الكذب أصبح الإنسان كاذبًا دون أن يدرك، وأصبح الصدق بعيدًا عنه جدًا وهذا ما لا يجب أن يحدث أبدًا لأنّ الصدق خير ونجاة من جميع الشرور. لو أنّ كلّ إنسان بدأ بنفسه وكان صادقًا في حياته كلّها لانتشرَ الصدق في المجتمع وأصبح هو الصفة السائدة فيه، لهذا يجب أن يعرف كل إنسان أنّ الصدق هو الخير وهو الأساس وألّا يكذب مهما كانت الظروف لأنّ حبل الكذب قصير، ولا يُمكن للإنسان الكاذب أن يكون إنسانًا شريفًا أو مؤمنًا لأنه تنقصه صفة أساسية وهي الصدق.