-كيف حال غزة اليوم يا أبي؟
- غزة ترعاها العتمة اليوم يا بنيتي، غزة ليلها طويل، ودروبها موحشة، تحت كل خطوة قبر، سماؤها أرواح طفولة، وثوبها دماء، أينما ذهبت دم يعانقه دم، دم يحيط به دم، دم يجاوره دم، رغيف خبز مصبوغ بدم، حطب الشتاء يخالطه دم، طحين الوكالة معجون بدم، وجه الطفولة مغمور بكف أم غارقة بالدم قبل ارتقائها، ثوب طبيب يغرق بالدم، كسرة خبز ناشفة منقوعة بدم طفل كان يأكلها قبل ارتقائه، أم تضرب وجهها بكفيها السابحتين بدم أطفالها، الذين ارتقوا بقذيفة أهداها حاقد لابنته في عيد ميلادها. في غزة كل بيت جدرانه مزينة بأكفّ صغيرة تركت دمها شاهدًا على وجودها. في غزة دم الوليد يعانق دم أمه، ودم أم يحتضن دماء أطفاله. غزة لا تشبه المدن حتى في قتلها، ولا تشبه المدن حتى في صمودها. غزة أرض رملها مجبول بدماء أبنائها، وأرواح طفولتها طليقة في سمائها، تعاند ريحًا باردة قاسية. في غزة مآل العتمة إلى زوال.